سورة البقرة - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6)}
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ} فيمن سبق القدر أنه لا يؤمن كأبي جهل، فإن كان الذين للجنس: فلفظها عام يراد به الخصوص، وإن كان للعهد فهو إشارة إلى قوم بأعيانهم، وقد اختلف فيهم؛ فقيل: المراد من قتل ببدر من كفار قريش، وقيل: المراد حييّ بن أخطب وكعب بن الأشرف اليهوديان {سَوَآءٌ} خبر إن و{أَأَنذَرْتَهُمْ} فاعل به لأنه في تقدير المصدر، وسواء مبتدأ، وأنذرتهم خبره أو العكس وهو أحسن، و{لاَ يُؤْمِنُونَ} على هذه الوجوه: استئنافاً للبيان، أو للتأكيد، أو خبر بعد خبر، أو تكون الجملة اعتراضاً، ولا يؤمنون الخبر، والهمزة في ءأنذرتهم لمعنى التسوية قد انسلخت من معنى الاستفهام.


{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)}
{خَتَمَ} - الآية، تعليل لعدم إيمانهم، وهو عبارة عن إضلالهم، فهو مجاز وقيل: حقيقة، وأن القلب كالكف ينقبض مع زيادة الضلال أصبعاً أصبعاً حتى يختم عليه، والأول أبرع، و{على سَمْعِهِمْ} معطوف على قلوبهم، فيوقف عليه، وقيل الوقف على قلوبهم، والسمع راجع إلى ما بعده، والأول أرجح لقوله: {وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} [الجاثية: 23] {غشاوة} مجاز باتفاق، وفيه دليل على وقوع المجاز في القرآن خلافاً لمن منعه، ووحد السمع لأنه مصدر في الأصل، والمصادر لا تجمع.


{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)}
{وَمِنَ الناس} أصل الناس أناس لأنه مشتق من الإنس وهو اسم جمع وحذفت الهمزة مع لام التعريف تخفيفاً {مَن يَقُولُ} أن كان اللام في الناس للجنس فمن موصوفة وإن جعلتها للعهد فمن موصولة، وأفرد الضمير في يقول رعياً للفظ: ومن {وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} هم المنافقون، وكانوا جماعة من الأوس والخزرج، رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول، يظهرون الإسلام ويسرّون الكفر، ويسمى الآن من كان كذلك: زنديقاً، وهم في الآخرة مخلدون في النار، وأما في الدنيا؛ عدلان، فمذهب مالك: القتل، دون الاستتابة، ومذهب الشافعي الاستتابة وترك القتل، فإن قيل كيف جاء قولهم {آمَنَّا} جملة فعلية {وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} جملة اسمية فهلا طابقتها؟ فالجواب: أن قولهم: آمنا مقيداً بالله وباليوم الآخر، وما هم بمؤمنين مطلقاً؟ فالجواب أنه يحتمل وجهين: التقييد؛ فتركه لدلالة الأول عليه، والإطلاق، وهو أعم في سلبهم من الإيمان.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8